الأمل واليأس

نحتاج (....)، عند إثارة انتباه الأطفال إلى أي معضلة أو مشكلة، إلى أن نستكشف معهم السبل التي يتجاوب بها الآخرون مع التحديات التي تتيحها، وإلا فإننا يمكن أن نخلق اليأس دون قصد.  أعرف من خلال العديد من سنوات تدريس القضايا العالمية أن التلاميذ والطلاب يستجيبون للمعلومات الخاصة بحالة العالم بطرق مختلفة، يشعر بعضهم بالحماس أو التحدي، والرغبة في معرفة المزيد؛ ويشعر الآخرون بالتخوف أو حتى بالارتباك.  يطعن بعض الطلاب في صحة المعلومات التي يستكشفونها، والبعض الآخر يشعر بأنها مبالغ فيها فيلجأون إلى الإنكار، ما جعلني أتساءل: كيف للمربين الذين يضطرون إلى تدريس القضايا العالمية المؤلمة، أو التعامل معها يوميّاً، أن يظلوا مبتهجين؟ ما الذي يبقيهم مستمرين؟ 

أدركت أن جزءاً من الجواب كان الأمل، ليس الأمل "السطحي"، بل "الأمل العميق" للاستفادة منه في الأوقات العصيبة عندما تلوح في الأفق تغييرات كبيرة في المستقبل.  إن نقيض الأمل هو اليأس، لذلك نحتاج إلى النظر في هذا الشعور القوي كذلك، قد نجرب اليأس عندما تسير الأمور بشكل خاطئ جديّاً في حياتنا، عندما يكون لدى أحد الأصدقاء مرض عضال، وعندما يتم سجن شخص ظلماً، وعندما يموت طفل؛ أو عندما ندرك أن الاحترار العالمي سيستمر هنا؛ لكن الناس يجدون حتى خلال أصعب الظروف طرقاً لمواجهة هذا اليأس، بحيث يستطيعون أن يستمروا في العمل والتصرف.  يمكن أن يؤدي اليأس إلى اكتشاف موارد ذاتية لم تكن معروفة من قبل، التي يمكن استخراجها، يحوز اليأس وظيفة مفيدة: قد يبدو وكأنه نهاية الطريق، والتخدير التام أو الموت، إلا أنه يمكن أن يؤدي بنا إلى استنهاض القوى التي لم نكن ندرك أننا نمتلكها.

وبذلك يحوز اليأس جوانب من الأمل، ويشير عالم النفس جيمس هيلمان (James Hillman) إلى أن اليأس العميق يمكن أن يبدو فعلاً مثل الموت، لكن لا يمكن أبداً أن يحتوي بداخله بذور الطريق إليه، ويقول ما يلي: "يقود اليأس إلى تجربة الموت، وهو في الوقت نفسه شرط للانبعاث، ماتت الحياة كما كانت من قبل، والوضع السابق، عندما ولد اليأس؛ ليست هناك سوى اللحظة كما هي، مهما كانت البذرة التي قد تحدث" (Hillman, 1978: 93).  هكذا يلعب اليأس دوراً محوريّاً في التحول النفسي.  لا يوجد أمل في تلك اللحظة، حسب هيلمان، لكن يمكن أن يبدأ التحول في ذلك المكان المظلم.  يحدده اللاهوتي يورغن مولتمان (Jurgen Moltmann) بشكل مختلف قليلاً: "اليأس هو الاستباق، التحسب الاعتباطي من عدم تحقق ما نأمله من الله..  يكمن ألم اليأس بالتأكيد في حقيقة أن هناك أملاً، لكن لا توجد أي وسيلة لتحقيقه" (1967: 23).  وعليه، على الرغم من أن الأمل يمكن أن ينشأ من اليأس، فليس علينا بالضرورة أن نزور عن قصد ذلك المكان المأساوي كي نصبح على بينة من أعمق آمالنا وتطلعاتنا. 

أهمية الأمل

لماذا يعتبر الأمل مركزيّاً جدّاً بالنسبة إلى الوضع البشري؟ يؤكد عالم المستقبليات ويندل بيل:

 

يتشكل الوضع البشري في الأمل، تعتمد معاني حياتنا بشكل كبير على رؤانا للمستقبل، إذ من دون إمكانية مستقبل ما، لن يتبقى شيء سوى اليأس؛ وبالتالي، إذا تخلينا عن المستقبل، سنتخلى عن أنفسنا.  تظل النبوءة القديمة صحيحة: حيث لا توجد رؤية، يَهلَك الناس.  هناك سبب واحد، إذاً يوجب على الجيل الحالي أن يشعر بالقلق إزاء رفاه أجيال المستقبل يكمن في أن استمرار الإنسانية ضروري للأمل الحاضر.

(Bell, 1993: 81)

وأحد أسباب الحضور الكبير للأمل واليأس خلال سباق القوى العظمى نحو التسلح النووي (1949-1989) هو أن مستقبل البشرية نفسه كان مهدداً.  إن الانقراض بالنسبة إلى النوع هو نهاية الأمل.  كما يمكن أن يكون اعتبار وجودنا جزءاً من تجربة تحول عالمية غير مرغوبة، نتيجتها غير واضحة، سبباً في اليأس أيضاً.

كتب باولو فريري (Paolo Freire)، خلال استكشافه العدالة الاجتماعية والتعليم في كتابه: بيداغوجيا الأمل*، ما يلي:

 

بينما لا يمكنني بالتأكيد تجاهل اليأس ككيان ملموس، ولا غض الطرف عن الأسباب التاريخية والاقتصادية والاجتماعية التي تفسر اليأس، لا أفهم الوجود الإنساني، والنضال اللازم لتحسينه، بصرف النظر عن الأمل والحلم.  والأمل حاجة وجودية، واليأس هو الأمل الذي فقد اتجاهاته، فأصبح تشويهاً لتلك الحاجة الوجودية.  ومن دون الحد الأدنى من الأمل، لا يمكننا بدء الصراع بهذا القدر الكبير.  غير أنه بلا نضال، يتبدد الأمل كحاجة وجودية، ويفقد اتجاهاته ويتحول إلى يأس؛ ويمكن أن يصبح اليأس يأساً مأساويّاً.  ومن هنا جاءت الحاجة إلى نوع من التربية على الأمل. 

(Freire, 2004: 2-3

وقد خطر ببالي أمران: الأول هو وصف الأمل باعتباره ضرورة وجودية، شيء يمثل جزءاً من جوهر الطبيعة الإنسانية؛ والثاني هو الحاجة إلى نوع من "التربية على الأمل".  ويستكشف المربي روبن ريتشاردسون العلاقة بين الأمل والقصة، بهذه الشاكلة:

هكذا نتحدث حاليّاً عن أساطير الأمل.  لخص دنيس بوتر الرواية الكبرى للأمل بإيجاز قائلاً: "بغض النظر عن مدى فساد وشر وقسوة وكارثية العالم، بعض روافد الشعور القليلة تقول إنه بخير"- "هذا هو المكان"، الذي حسبه، "الذي تصدر عنه الكتابة".  ربما كان عليه أن يقول المكان الذي تصدر منه الأساطير.  هذا هو هدف الأساطير.  نأمل أن يكون "كل شيء على ما يرام" محافظاً عليه حيّاً في القصة والصور: "يجب أن يسكن الذئب مع الحمل، ويجب أن يستلقي النمر مع الجدي، العجل وشبل الأسد معاً، مع طفل صغير يقودهم.  لا يجوز أن يؤذوا أو يدمروا..".  إن أسطورة كون السلام ممكناً، أو غير ممكن، تستحق على أي حال النضال من أجلها. 

(Richardson, 1996: 70)

ويتابع ريتشاردسون قوله:

نحن بحاجة إلى القصص- الأساطير والحكايات الشعبية، وكذلك الحكايات الحقيقية- لمساعدتنا على الإمساك ببدايات وأوساط ونهايات حياتنا معاً، من دونها، لا يمكن أن يكون لنا أمل: نعم، فقدان القصص هو فقدان الأمل، في حين أن إنشاء القصص ومحبتها هو الحفاظ على الأمل...  و[كما] يقول إيتالو كالفينو (Italo Calvino) فـ "إن المعنى النهائي الذي تحيل عليه جميع القصص له وجهان: استمرارية الحياة، وحتمية الموت". 

(المرجع نفسه: 2-101) 

تردد الجملة الأخيرة كلمات جيمس هيلمان وغيره ممن أشاروا إلى أن قضايا الأمل واليأس ترتبط، في العمق، باستمرارية الحياة وحتمية الموت وتكررهما، هذا هو في الأساس مضمون العديد من الأساطير والقصص، أي بدايات ونهايات وأسرار الوضع البشري. 

ويقدم يورغن مولتمان إحدى أعمق النظرات الثاقبة إلى طبيعة الأمل، وبالنظر إلى المهام التي تنتظرنا، أعتقد أننا بحاجة إلى أن نطلع على بعض تلك الأعماق لأنها تتعلق أساساً بما يعنيه أن نكون أُناساً. 

الأمل وحده يسمى "واقعيّاً"، لأنه وحده يأخذ على محمل الجد الاحتمالات التي تحف الواقع.  إنه لا ينظر إلى الأمور كما تحدث وقوفاً أو استلقاء، بل باعتبارها أموراً تتقدم وتتحرك مع إمكانيات التغير..  وعليه فالآمال وتوقعات المستقبل ليست تغييراً لوهج مفروض على الوجود المظلم، بل طرق واقعية لإدراك نطاق إمكانياتنا الحقيقية، وعلى هذا النحو يضعون كل شيء في حركة ويبقونه في حالة من التغير.  وعليه لا يمكن للأمل ونوع التفكير الذي يناسبه أن يؤاخذنا بالطوباوية، لأنهما لا يسعيان وراء الأشياء التي "لا مكان" لها، بل وراء الأشياء التي "لا مكان حتى الآن" لكنها تستطيع احتلال مكان ما. 

(Moltmann, 1967: 25

وكتب مولتمان في مؤلف لاحق ما يلي:

كل من يبدأ بالأمل يهدف إلى خلق تجارب جديدة، لا يضمن الأمل أن المرء سيحصل على الخبرات الجديدة المتوخاة.  تستلزم الحياة بالأمل مخاطر وتقود المرء إلى الخطر والإثبات وخيبة الأمل والمفاجأة.  لذلك، يجب أن نتحدث عن تجربة الأمل.  الموضوع الذي يكون على المحك دائماً، في تجربة الأمل، هو حياة المرء الخاصة.  لذلك، يجب أن يكون الأمل شاملاً وعميقاً بما فيه الكفاية؛ يجب أن يشمل السعادة والألم، والحب والحزن، والحياة والموت حتى لا يؤدي بنا إلى الوهم. 

(المرجع نفسه، 1975: 188- 9) 

ونظراً لنطاق المهمة التي أمامنا كمربين، قد تقوِّينا هذه الكلمات في الأيام المقبلة.  القليل من المربين أو الأكاديميين يتحدثون عن الأمل، لكنه ضروري لهذه المهمة التي نواجهها عند مقاربة الانتقال، سواء بالنسبة إلى أولئك الذين نعلمهم أو أولئك الذين يأتون بعدهم. 

ومن المعلمين القلائل الذين استوعبوا، مثل فريري، أهمية الأمل، نجد المربي على البيئة ديفيد أور، وقد كان كتاب أور النزول إلى السلك: مواجهة انهيار المناخ (2009) هو الذي نبهني إلى المسؤوليات التي لدى المربين، إذ وضع إصبعه تحديداً على معضلة تعليم الانتقال بقوله: "يتوقع الأمل الراديكالي الخير بالنسبة إلى أولئك الذين لديهم أمل حتى الآن يفتقر إلى المفاهيم المناسبة لفهمه" (المرجع نفسه: 173).  ويقتبس كلمات اللاهوتي رينولد نيبور (Reinhold Niebuhr):

لا شيء يستحق القيام به يمكن أن يتحقق في فترة الحياة، لذا ينبغي أن ينقذنا الأمل، ولا شيء صحيح أو جميل أو جيد يمنح المعنى الكامل في أي سياق مباشر من التاريخ، لذا ينبغي أن ينقذنا الإيمان.  ولا شيء نقوم به، وإن كان فاضلاً، يمكن أن يتحقق وحده، لذلك ينقذنا الحب؛ لا عمل صالحاً تماماً من وجهة نظر صديقنا أو عدونا أو من وجهة نظرنا، لذا ينبغي أن ينقذنا الشكل النهائي للحب الذي هو الغفران. 

(نيبور نقلاً عن أور، 2009: 181) 

إننا نخلط التفاؤل بالأمل بشكل أقل، كما يوضح ذلك أور:

يتطلب منا الأمل الواقعي، مع ذلك، أن نتحقق من تفاؤلنا عند الباب، وأن ندخل المستقبل دون أوهام، يتطلب ذلك درجة من الصدق والوعي الذاتي والرصانة التي من الصعب استدعاؤها والمحافظة عليها.  أعرف عدداً كبيراً من الناس الأذكياء، وعدداً كبيراً من الأخيار، لكني أعرف القليل جدّاً من الناس الذين يمكنهم التعامل مع الحقيقة القاسية بلباقة ودون يأس.  إن الأمل الأصيل، بعبارة أخرى، مصنوع من أمور أكثر صرامة من أمور التفاؤل، ويجب أن تكون متجذرة في الحقيقة باعتبارها أفضل ما يمكن أن نراه، مع العلم أن رؤيتنا جزئية دائماً.  يتطلب الأمل الشجاعة للوصول إلى حدود أبعد وموقع أعمق ومواجهة حدودنا وحدود الطبيعة والعمل بجدية أكبر.  ليس على التفاؤل العمل بجدية كبيرة، ما دام من المرجح أن يفوز في جميع الأحوال، لكن على الأمل أن يدفع بقوة ويخطط ويعالج ويضع الاستراتيجيات.

(المرجع نفسه: 185)

بدا استكشافي الأولي لطبيعة الأمل منذ عدة سنوات نقطة تحول في حياتي، خلال البحث اللامنتهي عن الطرق الإيجابية إلى الأمام، شعرت كما لو كنت قد حفرت في الأخير حفرة عميقة بما فيه الكفاية لألمس شيئاً ذا قيمة كبيرة.  ويبدو أن هذه القيمة لها وجهان: أولاً في نوعية التفكير الذي أبداه هؤلاء "المستكشفون للحياة"، والثاني في الاتصال العميق للموضوع بالوضع البشري. 

أحياناً، تدعم الحياة مثل هذه الأفكار الدنيوية لكن بطرق غير مرجحة، بينما كنت في العطلة الصيفية على ساحل دورست، لاحظت شعاراً باللاتينية على قنينة جعة (Dum spiro spero)  "طالما هناك حياة، هناك أمل".  وهذا يُربِّع الدائرة بالنسبة إلي، ما دام بطلي في الطفولة، رائد الفضاء دان داري في كوميديا إيغل (النسر)، قد تلفظ بتلك الكلمات ذاتها عندما بدا أن كل شيء فقد على الكوكب الغريب.  لم أكن أعرف عندئذٍ أن تلك كانت عبارة لاتينية قديمة، لكني شعرت أن الكلمات تعني شيئاً مهمّاً حقا لم أستطع فهمه حتى الآن. 

مصادر الأمل

نظراً لدور الأمل في الأوقات العصيبة، من اللازم تحديد مصادر الأمل التي يمكن أن يعتمدها المعلمون وغيرهم، قبل أبدأ في استكشاف ذلك، لم تكن لدي أي أفكار عما يمكن أن تكون تلك المصادر، حتى بالنسبة إلى نفسي.  مهما كانت المصادر، لا يبدو أنها على استعداد للكشف عن نفسها بسهولة، تبدو مغلقة في مكان ما من نفسي، لذلك قررت استكشاف تجارب المربين الذين درسوا بانتظام القضايا العالمية لمعرفة كيف تمكنوا من الاحتفاظ بالشعور بالأمل والتفاؤل.  أنجز البحث طيلة عطلة نهاية أسبوع سكنية، طلب من المشاركين التوفر على مذكرة تأملية لتسجيل أفكارهم ومشاعرهم باعتبارهم انخرطوا في مسألة الأمل (Hicks, 2006b).  وذكروا خلال المناقشة الأولية حول وضع العالم قضايا، مثل: استمرار الأضرار التي تلحق بكوكب الأرض وانتهاك حقوق الإنسان والجوع والفقر والعنصرية وقوة الشركات متعددة الجنسيات.  مهنيّاً، بدوا مجهدين ومنهكين ومهمّشين، وعندما طلب منهم تحديد المشاعر التي ترافق ذلك، تحدثوا عن الغضب والسخط والإحباط واليأس.  لم يكن سهلاً عليهم الاعتراف بهذه المشاعر- الرغبة في إنكار الانزعاج من الأثر- لكنهم كانوا مستعدين للتسليم بأن ذلك هو السياق الذي يجب أن يُعين فيه كل مفهوم للأمل.  ما إن بدأوا تبادل كتاباتهم وتجاربهم، حتى أصبح العمل أكثر عمقاً، مع اقتراب نهاية عطلة نهاية الأسبوع، طلب من المشاركين أن يعرضوا معاً المصادر الجماعية للأمل التي شعروا أنهم حددوها.  تظهر النتائج في الإطار 1.7.

الإطار 1.7- مصادر الأمل

·      العالم الطبيعي- مصدر للجمال والتأمل والإلهام الذي يجدد نفسه دائماً، وينعش دائماً القلب والعقل.

·      حياة الآخرين- الطريقة التي يدبر بها الناس، سواء العاديون أو غير العاديين، مواقف الحياة الصعبة بكرامة. 

·      النضالات الجماعية- الجماعات في الماضي والحاضر التي كافحت من أجل تحقيق المساواة والعدالة التي هي من حقهم.

·      الحالمون- أولئك الذين يقدمون رؤى عن الأرض المتحولة، ويساعدون على تحقيق ذلك بطرق مختلفة. 

·      الإيمان والمعتقد- الذي قد يكون روحيّاً أو سياسيّاً، ويوفر إطاراً للمعنى في الأوقات الجيدة والسيئة معاً.

·      الشعور بالذات- وعي المرء بقيمة ذاته واطمئنانه إلى هوية تؤدي إلى الشعور بالارتباط والانتماء.

·      الإبداع الإنساني- إن الثابت المذهل للموجات المتقلبة من الموسيقى والشعر والفنون، عنصر أساسي للوضع البشري.

·      الموجهون والزملاء- الذين يقدمون الإلهام، في العمل والمنزل، من خلال أعمالهم وتشجيعهم بأقوالهم.

·      العلاقات- كوننا محبوبين من قبل الشركاء والأصدقاء والأسرة الأمر الذي يغذي ويديم حياتنا.

·      الفكاهة- رؤية الجانب المضحك من الأشياء، أن نكون قادرين على الضحك في الشدائد، أن نلهو، وأن نحتفل سوية.

·      الجذور- الصلات مع الماضي والطفولة والتاريخ والأجيال السابقة والأجداد والحاجة إلى تكريم الاستمرارية.

·      الإبداع الإنساني- على المستويين الفردي والمجتمعي، والموسيقى والغناء والرقص والرسم والنحت والكتب والقصص والشعر واليوتوبيا. 

المصدر: ديفد هيكس ((Hicks, 2006b 

ذُهلت بنتائج هذه التجربة المشتركة، من ناحية بدت النتائج كشفاً، إذ كان جزء مني يقول: "نعم، بالطبع".  لم تخطر الأجوبة ببال المشاركين بسهولة، الذين جاءوا وهم يعرفون أن هناك شيئاً ما لهم لكنهم لم يكونوا متأكدين مما هو.  جاءوا وهم يعرفون أن الأمل مهم بشكل واضح، لكنهم لم يكونوا متأكدين بالضبط كيف ذلك.  ما كان ذات مرة شعوراً غامضاً إلى حد ما، تم كشفه باعتباره يوجد في قلب التجربة الإنسانية ومتجذراً بعمق في تجارب الحياة القوية لكل شخص. 

طلب من المشاركين أن يحضروا في عطلة نهاية الأسبوع مادة تكون بطريقة ما رمزاً للأمل بالنسبة إليهم، وتحدث كل شخص عما أحضر.  تشمل المواد صور العائلة والأصدقاء ومقطوعة موسيقية وصورة وأجساماً طبيعية وكتاباً ومختلف المصنوعات اليدوية والهدايا.  وضعت هذه المواد الواحدة تلو الأخرى في مركز الدائرة؛ وتبع ذلك صمت عميق في نهاية هذا التشارك.  في الجلسة الختامية، علق أحد المشاركين قائلاً إن عطلة نهاية الأسبوع كانت في حد ذاتها مصدراً للأمل؛ كان حدثاً أشرك الرأس والقلب، الشخصي والمهني، الماضي والمستقبل.  وكان في نهاية المطاف ذا قيمة عملية يومية أيضاً.  في ذلك الوقت كتبت:

إن القائمة إجلال مدهش للمرونة وسعة الحيلة لدى هذه الفئة من المعلمين.  على الرغم من أن العديد من مصادر الأمل المذكورة كانت ضمنية من قبل في حياتهم الشخصية والمهنية، فقد كانت عملية البحث نفسها هي ما جعلها ظاهرة ومرئية، وبالتالي متاحة أكثر كمصدر للطاقة الخلاقة.  أحد أكثر الأشياء لفتاً للنظر بشأن العملية هو أن الحدث لم يقدم أغنى المعطيات فقط، بل أصبح مصدراً للأمل في حد ذاته أيضاً.  قال المشاركون إنهم شعروا بالانتعاش والتجدد وباتوا أكثر وضوحاً حول ما يبقيهم مستمرين وأكثر وعياً بـ"نسيج الأمل"، شاهدين على الإيمان بالروح الإنسانية. 

(Hicks, 2006b: 5- 74

إن مناقشة الحاجة إلى الأمل في الأوقات العصيبة مهمة بشكل حيوي؛ يمكن أن تكون لتحديد وتشارك مصادر الأمل الخاصة بالمرء، في سياق آمن، أكثر قيمة وإفادة.  إن حقيقة أننا لا نناقش في كثير من الأحيان مثل هذه الأمور علناً ترجع إلى صلتها بالقلب، وكما ذكرنا في الفصول السابقة، غالباً ما نشعر أن ذلك يحتاج إلى الحماية؛ لكن عند مشاركتها، في فضاء آمن، نبدأ في التواصل مع طاقاتنا الإبداعية مرة أخرى.

دور التعليم

ما تعلمته من هذا العمل هو أن الأمل واليأس مركزيان في الوضع البشري، وأن الدخول إلى هذه الأراضي يستلزم الرأس والقلب والروح، إن محاولة تناول هذه المسائل من خلال العقل فقط هو تناقض في المصطلحات؛ تتطلب مقاربة شمولية وتجريبية.  نعلم أن القضايا التي لها علاقة بالمشاعر والمستقبل والقضايا العالمية والانتقال، غالباً ما تعاش باعتبارها غير مريحة، وبالتالي تبقى مبعدة، غير أن العمل على الأمل يبين أن هناك العديد من العمليات التي تسمح للمتعلمين التعامل مع هذه المسائل بأمانة، أعني هنا التعليم بأوسع معانيه، والتركيز على البالغين لا سيما فيما يخص إمكانيات المعلمين والمدرسين والمعلمين المتدربين. 

كما يشعر الشباب بالأمل واليأس بشكل عميق عندما يحاولون التعامل مع القضايا العالمية المعاصرة.  تحاول هنا إيلين كيلسي وكارلي أرمسترونغ تسليط الضوء على بعض المشاكل التي واجهتهما:

تغير المناخ وتسرب النفط في الخليج والكوارث النووية في اليابان والتأثير الهائل لرمال القطران في كندا، أي أن "الكآبة والشؤم" يأتيان حتى من الأماكن الأكثر أماناً.  يواجه الأطفال والبالغون الكوارث البيئية في أي مكان تقريباً يديرون وجههم نحوه: مجلات الطبيعة المناسبة للطفل، الواجبات المنزلية، والأفلام الشعبية و..  في حديقة حيوان. 

(Kelsey and Armstrong, 2012: 187 

ليست القصص في الأخبار وحدها هي المشكلة، بل كيف يتم التعامل معها في المدرسة أيضاً:

يمكن أن يقضوا الأيام والأسابيع في الفصول الدراسية في دراسة انقراض الأنواع والتغييرات المناخية وقضايا السكان وإزالة الغابات والتصحر وأكثر من ذلك.  وعندما يمكن أن يكون المعلمون مرتاحين للحديث عن علم انقراض الأنواع أو عن جغرافيا الزحف العمراني، أو..  أو عن ثقب الأوزون وتغير المناخ العالمي، يبدو أنه لا يتم استكشاف الآثار العاطفية لهذه الموضوعات، وفي الحقيقة، لا يتم فحصها.   

تسكت أدبيات التربية البيئية بشكل غريب عن التعامل مع الآثار النفسية للأزمة البيئية.  إن كلمات مثل الأمل أو الحداد أو الحزن أو اليأس أو الغضب نادراً ما تظهر في كتاباتنا: لا يوجد شيء تقريباً في أدبياتنا يعالج الطرق المناسبة للتعامل مع العواطف المرتبطة بتدهور البيئة.

(Kool and Kelsey, 2006)

ليست هذه مجرد مشكلة على معلمي البيئة حلها، بل مشكلة جميع الآباء والأمهات والمربين؛ كيف يمكننا مساعدة الشباب على التعامل معها، ناهيك عن تدبير القضايا العالمية المعقدة التي يسمعون عنها اليوم، القضايا التي يجدها البالغون صعبة أيضاً؟ لن يكون التسبب في القلق والخوف وحتى اليأس لدى أولئك الذين نعلمهم أبداً هدفاً مناسباً للتعليم (انظر الفصل الرابع). 

إن الشخصية الرئيسة دوليّاً في تقديم طرق لمعالجة هذه القضايا هي المنظِّرة النسقية والمفكرة البوذية جوانا ميسي.  بدأت بمصادر قلق ويأس الإنسان، فأشارت إلى طريق مستقبلي سمته "العمل الذي يعيد الاتصال"؛ يتعلق في جوهره بإعادة الاتصال بيأسنا وآمالنا ورؤانا وغيرها والناس المتشابهي الآراء وكوكب الأرض نفسه.  بينما قد يبدو وكأنه أمر طويل، هذبت ميسي رؤاها وممارساتها على مدى أكثر من خمسين عاماً لخلق ثروة من الأنشطة التجريبية لهذه الغاية؛ يتم وصفها في العودة إلى الحياة: ممارسات لإعادة الاتصال بحياتنا وعالمنا* (Macy and Brown, 1998)، يمكن تكييف بعضها كي تستخدم مع الشباب، والتي استكشفت أيضاً بعمق في الأمل الفعال** (Macy and Johnstone, 2012).  تقول المؤلفتان: 

يتعلق الأمل الفعال بأن يصبح المشارك فعالاً في إحداث ما نأمله، الأمل الفعال هو الممارسة.  مثل تاي تشي أو البستنة، هو شيء نقوم به بدلاً من أن يكون لنا، بل إنه عملية نستطيع تطبيقها على أي موقف، وأنها تنطوي على ثلاث خطوات رئيسة: أولاً نمتلك رؤية واضحة للواقع؛ ثانياً نحدد ما نأمله من حيث الاتجاه الذي نود أن تسير إليه الأشياء أو القيم التي نود أن نراها ظاهرة؛ وثالثاً نتخذ الخطوات لنحرك أنفسنا أو وضعنا في هذا الاتجاه.  ما دام الأمل الفعال لا يتطلب تفاؤلنا، فإننا نستطيع تطبيقه حتى في المناطق التي نشعر فيها باليأس.  إن الدافع التوجيهي هو القصد؛ نختار ما نهدف إلى تحقيقه، أو العمل من أجله، أو التعبير عنه.  بدلاً من وزن فرصنا والمضي فقط عندما نشعر بالأمل، نركز على قصدنا ونسمح له أن يكون دليلنا.

(Macy and Johnstone, 2012: 3).

حددت ميسي وجونستون ثلاث قصص ثقافية رئيسة ألفت في الوقت الحاضر: "الأعمال المعتادة"، و"التكشف الكبير"، و"التحول الكبير".  الأعمال المعتادة قصة يجد العديد من الناس أنفسهم فيها، وَهْم مستهلك، يشكل اقتصاد السوق الحرة بالنمو والتقدم أهدافاً ثابتة له.  والتكشف الكبير قصة تتعايش مع الأولى، تتضمن التدهور الاقتصادي واستنزاف الموارد وتغير المناخ والانقراض الجماعي للأنواع.  والتحول كبير، وهو ما أضحى واضحاً بالفعل، قصة التحول الثقافي الجديد، الذي سيكون كبيراً في تأثيره كما كانت الثورتان الزراعية والصناعية:

لقد سميت الثورة الإيكولوجية وثورة الاستدامة بل والثورة الضرورية.  هذه قصتنا الثالثة: نسميها التحول الكبير ونعتبرها المغامرة الأساسية في عصرنا، تستلزم الانتقال من اقتصاد محكوم بالتطور الصناعي إلى مجتمع إدامة الحياة الملتزم باسترداد عالمنا.  إن هذا التحول يتم فعلاً على قدم وساق. 

(المرجع نفسه: 26) 

وصفت جوانا ميسي (2013) التحول الكبير باعتباره عملية تمكين تتكون من أربع مراحل: تقديم الامتنان، وتكريم ألمنا بشأن العالم، والرؤية بعيون جديدة، والسير إلى الأمام.  يمكننا، في هذه الدورة من التحول، تجربة اليأس وإيجاد طريقة للمضي قدماً إلى مشاركة خلاقة مع الآخرين على حد سواء.  نورد أدناه الصفات المميزة لهذه المراحل الأربع وأهميتها.

1.                      في الأوقات الصعبة، يمكن لممارسة الامتنان أن تعزز الشعور بالراحة وتبني الثقة والكرم وتحفزنا على العمل لصالح عالمنا.  أظهرت الأبحاث أن الناس الذين يجربون مستويات عالية من الامتنان يميلون إلى أن يكونوا أكثر ارتياحاً في حياتهم؛ اقتراح الاحتفاظ بمذكرة الامتنان لنسجل، في نهاية اليوم، الأشياء التي سرتنا أو أشعرتنا بالسعادة؛ قد يكون لقاء صديق بشكل غير متوقع، أو شيئاً قاله شخص ما، أو السماء الجميلة، أو نجاحاً صغيراً.  تدربنا هذه الممارسة على رؤية الجانب الجيد من الحياة والسيئ أيضاً.  يغير تقديم الامتنان بمهارة نهجنا في الحياة، ويجعلنا أكثر وعياً بحسن حظنا. 

2.                      تكريم ألمنا بشأن العالم قد يبدو في البداية مستحيلاً.  إن الاستجابة الحاسمة للخطر، سواء كانت شخصية أو عالمية، هي تنبيه ويمكن لذلك أن يسبب مقاومة نفسية اليأس.  تتضمن أصناف المقاومة ما يلي: "لا أعتقد أن ذلك خطير"، "ليست مهمتي معالجة ذلك"، "لا أريد أن أتميز عن الناس"، "هذه المعلومات تهدد مصالحي التجارية أو السياسية"، "إنها مزعجة إلى درجة أنني أفضل عدم التفكير فيها"، "أشعر بأني مشلول"، "أدرك الخطر، لكني لا أعرف ما يجب القيام به"، "لا جدوى من القيام بأي شيء، لأنه لن يحدث أي فارق".  يمكننا أن نشعر بالإحراج بين ألم الطريقة التي يبدو أن العالم يحدث بها والخوف من الاعتراف بمدى سوء الأمور، التي يمكن أن تؤدي بذلك إلى اليأس.  غير أن الألم بشأن العالم أمر طبيعي وصحي وواسع النطاق، وتحرير مثل هذه المشاعر الممنوعة يطلق طاقة الرحلة المقبلة. 

3.                      الرؤية بعيون جديدة يمكن أن تؤدي إلى شعور أوسع بالذات ما دمنا نبني روابط مع مرور الوقت بالمجتمعات المختلفة، وبالمجتمع الإنساني وشبكة الحياة نفسها.  في العالم الغربي لدينا رؤية للذات باعتبارها منفصلة عن الآخرين ومحددة بوضوح، يمكن أن يؤدي ذلك إلى النزعة الفردية المتطرفة والنرجسية؛ أما في المجتمعات الشرقية، فغالباً ما ينظر إلى الذات بالأحرى كجزء من كل أكبر- الأسرة والمجتمع المحلي والمجتمع والطبيعة- بحيث إن الاتصالات تأتي أولاً وليس أخيراً.  هكذا، إننا جميعاً جزء من الدوائر المتسعة، لكن قد نختار مبدئيّاً أن ننكر ذلك.  إن تجربة الهوية الأوسع التي تأتي من خلال الترابط البيئي لا تهدد الفردية، بل تعززها.  برهن مجلس ميسي لجميع الكائنات (1998: 65-149) على وسيلة قوية يمكن من خلالها أن تعطى "الكلمة" للأنواع غير البشرية أيضاً. 

4.                      السير إلى الأمام هو المرحلة النهائية في هذه الدورة وإتمام لكل ما أتى قبلها.  تتعلق هذه الخطوة نحو العالم بالعثور على سلطة المرء.  من المهم أن نميز بين القصص القديمة والجديدة للسلطة، تعتبر وجهة النظر القديمة السلطة كشيء يسيطر به المرء على الآخرين، أي السلطة "على".  من عواقب هذا المنظور الشائع أن تعتبر السلطة سلعة ومشاعر للعجز على نطاق واسع، وتعزيز تزمت العقلية، وتوليد الصراع، وتصبح مشتبهة على جميع المستويات.  في حين يعتبرها المنظور الجديد للسلطة شيئاً مشتركاً، أي السلطة "مع"؛ هذا هو النموذج التعاوني الذي تنشأ فيه السلطة عن الترابط البيئي وتخلق تآزرها الخاص.  تترابط القيم المشتركة والرؤى المشتركة والأغراض المشتركة وتتدفق من خلال الكل، ومنهم تأتي القدرة على سماع دعوة المرء إلى العمل والاستجابة لها. 

إن هذه المراحل الأربع للتمكين ليست منفصلة أو خطية كما قد تبدو، تتحرك الواحدة مجيئاً وذهاباً بينهما وتدور حولهما.  ما إن نلتزم بهذا النوع من العملية الداخلية/ الخارجية، حتى يصبح جزءاً من حياة المرء الشخصية والمهنية.  تهمل الدعوة في بعض الأحيان، فتظهر في أشكال مختلفة، لكنها تظل هي نفسها دائماً: من أنا وكيف أرتبط بالكل الأوسع؟ ما الذي أنا مدعو إلى القيام به في هذا الوقت؟ 

يوفر الأمل الفعال تمهيداً للانخراط بنشاط في هذه الأوقات، غير أن الدخول فيها يتطلب استقامة الرأس والقلب والروح.  لكن كيف يمكن لأي شيء أقل أن يكون كافياً لهذه المهمة؟ وقدمت ميسي وجونستون تصريحاً غالباً ما ينسب إلى الشاعر غوته: 

إلى أن يلتزم المرء، هناك تردد وفرصة للانسحاب.  فيما يخص جميع أعمال المبادرة (والإبداع)، هناك حقيقة أولية واحدة، هي الجهل الذي يقتل عدداً لا يحصى من الأفكار والخطط الرائعة: إنها اللحظة التي يلزم فيها المرء بالتأكيد نفسه، ثم تتحرك العناية أيضاً.  تحدث كل أنواع الأشياء لمساعدة المرء، الشيء الذي لم يكن من شأنه أن يحدث قط بطريقة أخرى..  مهما كان ما يمكنك القيام به، أو تحلم أن بإمكانك القيام به، ابدأه؛ تتضمن الجرأة عبقرية وطاقة وسحراً بداخلها، فابدأ الآن. 

(Macy and Johnstone, 2012: 200

إن عمل جوانا ميسي الدولي (2013) مهم في هذه الأوقات من الفترة الانتقالية، كما هو حال كريس جونستون (2013) في المملكة المتحدة، وتكمن أهمية مثل هذه المبادرات في التناول الشمولي، التي تشمل الشخص كله- العقل والقلب والجسد والروح- وبالتالي تصل إلى أعماق لا تستطيع مقاربات أخرى بلوغها.  وتوفر مواقعها على شبكة الإنترنت تفاصيل المحادثات وورشات العمل والمحاضرات للراشدين، وهذا العمل يجب أن يبدأ مع الراشدين.  يمكن تكييف العديد من الأنشطة الواردة في العودة إلى الحياة (Macy and Brown, 1998) لاستخدامها مع الشباب في السياقات الرسمية وغير الرسمية.  إنني على ثقة أن هذا الكتاب سيسهم أيضاً في المعالجة الأولية لمثل هذا النسيج من الأمل.

أفكار للتدريس

1.      التفكير في الأمل

إليك نشاط يمكن أن يشارك في وقت الدائرة أو المجموعات الصغيرة.  غالباً ما تكون للتلاميذ وجهة نظر في الأمل مختلفة عن الراشدين بسبب صغر سنهم؛ سمعتهم يتحدثون عن الآباء والأجداد وغيرهم من الناس كمصادر مهمة للإلهام والأمل في حياتهم.  لا يتعلق الأمر بالقدوات، كما أعتقد، بل بالناس الذين يدعمونك بشكل مباشر ويشجعونك؛ ويمكن أن تشمل أيضاً الناس في المجتمع أو في الأخبار الذين يعملون بطرق مختلفة لخلق عالم أفضل. 

إن الخطوات كالآتي:

·      يحتاج المرء إلى البدء ببعض الملاحظات حول أهمية الأمل، موضحاً أنك لا تشير إلى كونك متفائلاً فقط.  غالباً ما نلجأ، عندما تصبح الأمور صعبة أو القضية مقلقة، إلى الأصدقاء أو الكبار بحثاً عن الدعم والتشجيع، وإلى الأشخاص الذين يمكنهم أن يمنحوا المرء شعوراً بالأمل.

·      يتناوب المشاركون في دائرة أو مجموعة صغيرة لفترة وجيزة على تبادل مثال شخص شعر بأنه مصدر للأمل بالنسبة إليهم، ويشرح سبب ذلك.  ينبغي أن يستمعوا بكل احترام للآخرين، دون مقاطعة، إلى أن يبلغ كل واحد دوره. 

·      يمكن متابعة المناقشة، ربما يكون لتلميذ سؤال يتعلق بما قاله شخص آخر أو أنه يريد معلومة صغيرة أخرى.  بعد ذلك، يمكن للمعلم أن يطلب من كل مجموعة مناقشة إن كانوا يعتقدون أن لدى هؤلاء الناس أي صفات مشتركة.

·      يجب على المعلم أخذ ملخصات موجزة من كل مجموعة، عمن هم أولئك الناس، فضلاً عن صفاتهم، بحيث تخلق مجتمِعة قائمة مركبة. 

·      ينبغي أن تتلو ذلك مناقشة أوسع حول ما تعلمه الأطفال من هذا التمرين وعن مصادر أملهم. 

2.  الامتنان والرفاه

إن الامتنان عاطفة اجتماعية مهمة توجه دفئنا نحو الآخرين.  وللامتنان وجهان: تقدير قيمة شيء ما حدث، والاعتراف بدور شخص ما، أو شيء ما في تحقيق هذا الشعور لديه. 

يميل الناس الذين يجربون مستويات عالية من الامتنان إلى الشعور أكثر بالإيجابية بشأن حياتهم، ويمكن أن يؤدي الوعي الزائد بامتناننا إلى مزيد من الثقة والتعاون مع الآخرين.  إليك نشاطان بسيطان مأخوذان عن ميسي وجونستون (2012: 44، 48-9) لتعزيز الوعي بالامتنان، يمكنهما أن يكيفا بطرق مختلفة ليتناسبا مع مختلف الفئات العمرية.

الجمل المفتوحة

اقرأ الجمل التالية التي تبدأ بها العبارات، وانظر أي الكلمات تبدو أنها تلزم عنها بشكل طبيعي.  يمكنك أن تفكر في ذلك وحدك، أو تكتبه، أو تحاول ذلك مع رفيق تتناوبان على الحديث والاستماع.  كلما كنت غير متأكد مما تقوله، عد إلى بداية العبارة وانظر ما يلزم عنها بشكل طبيعي، قد تكون مختلفة في كل مرة تقوم بذلك.

·      من الأشياء التي أحب بشأن كوني حيّاً فوق الأرض هي..

·      إن المكان الذي كان ساحراً بالنسبة إلي عندما كنت طفلاً هو..

·      تشمل أنشطتي المفضلة..

·      الشخص الذي ساعدني على الثقة في نفسي هو (أو كان)..

·      بعض الأشياء التي أقدر في نفسي هي..   

الوعي بالامتنان

·      لاحظ- استعرض ذكرياتك الأخيرة وحدد الشيء الذي حدث في الأربع والعشرين ساعة الماضية وسررت به.  ليس من الضروري أن يكون شيئاً عظيماً، فقط شيء جعلك تفكر في: "أنا سعيد بأن يحدث".

·      تذوق- أغمض عينيك وتخيل أنك تعيش تلك اللحظة مرة أخرى، لاحظ الألوان والأذواق والأصوات والروائح والأحاسيس في جسمك؛ لاحظ أيضاً كيف تشعر بنفسك.

·      اشكر- من أو ما الذي ساعد هذه اللحظة على أن تحدث؟ هل كان أي شخص (أو أي شيء) آخر مشاركاً؟ إذا كان الأمر كذلك، فكر فيهم وتخيل نفسك معرباً عن شكرك. 

3.  توسيع الدوائر

إليك نشاط من ميسي وبراون (1996: 121)، تم تكييفه وتبسيطه ليناسب الطلاب الكبار، الذي يمكن أن يصمم ليتطابق مع العمل المناسب الجاري.  يساعد "توسيع الدوائر" الناس على رؤية قضية، أو وضع يشكل مصدر قلق كبير بالنسبة إليهم، بعيون جديدة.  وبالتالي، يشاركون في توسيع دوائر الهوية.  جاء العنوان من إحدى قصائد ريلكه (Rilke) التي تبدأ بما يلي: "أعيش حياتي بتوسيع الدوائر/ التي تبلغ مختلف أنحاء العالم". 

يشتغل المشاركون في مجموعات تتكون من أربعة أشخاص، اطلب منهم أن يحددوا ذهنيّاً قضية تهمهم؛ بعد لحظة من الصمت، ادعهم إلى التناوب على التحدث والاستماع.  يجب أن يصف كل شخص باختصار قضيته من ثلاث زوايا على التوالي:

·      انطلاقاً من تجربتهم الخاصة ووجهة نظرهم، بما في ذلك مشاعرهم حول القضايا.

·      من منظور شخص وجهات نظره مختلفة جدّاً عن تلك الخاصة بهم، قائلين من هم عندما يتحدثون باعتبارهم ذلك الشخص ومستعملين الضمير "أنا".

·       من وجهة نظر شخص شاب يعيش في المستقبل وستتأثر حياته مباشرة بهذه الوضع الخاص. 

أولاً، يجب أن يسمح لكل شخص، مع ذلك، بالوقت كي يفكر في وجهات النظر الثلاث التي سيتشاركونها، فقد يرغبون في تدوين بضع الكلمات المفتاحية لمساعدتهم على التذكر، ثم يعلن المعلم للمجموعات الجولة الأولى التي يشارك فيها كل شخص تجربتهم الخاصة، يسمح لكل شخص بأربع إلى خمس دقائق.  من الأفضل التركيز على الوقت والتحذير: "يجب أن تنتقلوا إلى الشخص التالي في مجموعتكم بعد لحظة أو لحظتين".  اترك لحظة صمت بين كل شخص على حدة، ولحظة أخرى أطول قليلاً بين كل جولة وأخرى.  علقت ميسي بقولها: "إنه عمل شجاع وسخي أن تفسحوا المجال في عقلكم لتجربة الآخر وأن تعيروهم صوتكم".  اسمح بالوقت في الختام للناس ليتبادلوا كيف بدا ذلك في مجموعاتهم الصغيرة ثم كصف دراسي كامل.

خمسة أمور تستطيع المدرسة القيام بها

·      اطلب من متطوع النظر إلى: www.activehope.info / index.html وإنجاز تقرير حتى يتمكن الموظفون المهتمون من معرفة المزيد عن هذه المبادرة إذا رغبوا في ذلك.

·      إذا كان هناك اهتمام، قد يرغب الموظفون في المشاركة في أنشطة التدريب عبر الإنترنت كجزء من التنمية الشخصية والمهنية.

·       يجب على كل مدرسة أن تساعد الأطفال والموظفين على أن يصبحوا أكثر وعياً بمصادر أملهم ودعمهم، ويمكن أن تكون المدرسة نفسها مصدراً للأمل في المجتمع.

·      يجب أن تميز المدارس دائماً بين الأمل والتفاؤل في عملها، فإذا كان هذا الأخير مجرد أمل، فإن الأول مؤسس بعمق أكثر.

·      يمكن للمدارس تحديد وتسليط الضوء على شبكة الأمل العنكبوتية الخاصة بها في المجتمع المحلي والعام.

 ***

مراجع وهوامش


 


* Pedagogy of Hope.

* Coming Back to Life: Practices to reconnect our lives, our world (Macy and Brown, 1998).

** Active Hope (Macy and Johnstone, 2012)

 

هيكس، ديفيد (2015) تربية الأمل في الأزمنة الحرجة، ت: د. يوسف تيبس. مركز القطان للبحث والتطوير التربوي/ مؤسسة عبد المحسن القطان – رام الله، فلسطين.